جــدل الذات والآخر في قصة "الجدار" لنوال الغنم.-سعيد موزون / المغرب
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
مقالات

جــدل الذات والآخر في قصة "الجدار" لنوال الغنم.

  سعيد موزون    

مقدمــــــــــــة:
قبل أن أنزلق إلى ذات النص أشير إلى أن مقاربتي للمنجز النصي لقصة
"الجدار" لن تكون على مستوىصيغ الحكي، أوالبُنى السردية للنص(البناء
القصصي،والسرد، والحوار، واللغة، والشخوص، والفضاء،و.و.)، ولا على طريقة السوسيريّين أو فلاديمير بروب،ولا على شاكلة "انعكاس"غولدمان أو سوسيولوجيّةلوكاتش أو بليخانوف، وإنما سأحاول مقاربة ملفوظها السردي، وما يرتبط بحوار الذات البطلة مع نفسها، وجدلها الوجوديفي علاقتها بنفسها وبالآخر.
الملفوظ السردي في قصة "الجدار":
يتحرك الملفوظ السردي في النص القصصي "الجدار" للقاصة المغربية نوالالغنم في مجال حكائي مفتوح، يشتغل على التشويق والفجائية، ويحلّق بعيدا عن أصفاد القصة التقليديةوالكتابة القصصية التقليدية، ليعانق القصةالحديثة في منجزها النصي وفي آليات اشتغاله، ويترك مساحات وثغرات وارفة للمتلقي، للمشاركة في إعادة تشكيل العمل القصصي بالتأويل والتحليل والتركيب والمساءلة واستنطاق مكونات النص وعوالمه السردية التي تعري الواقع، وتساءل الذات المعذَّبة بنفسها وبنظرة الآخر لها.فتنشأ - بوعي أو بلا وعي- جدلية بين الذات والآخر بشتى تمظهراته (الوطنوالمواطن الفلسطيني ، وإسرائيل، والجندي الاسرائيلي، وشجرة الزيتون ..) .
فما هي تجليات هذه الجدلية؟ وكيف ينفتح الملفوظ السردي في نص "الجدار" على الواقع ويتجاوز جداره/حاجزه، متخطيا خارطة الذات/ البؤرة إلى مرآة هذه الذات في الوجود، وفي الآخر في هذا الوجود؟

العنوان:
إن أول ما يصادفنا في النص هو العنوان، والعنوان في مجال العنوانياتTitrologieهو العتبة النصية التي توجهالقراءة، وتقيم مساحة نصية بين الكاتب والقارئ لتشكيل تكهناته بخصوص فحوى النص،ويكشف عن مضمون النص ودلالاته، ويستفز القارئ للتطلع لما وراء النص وفك شفراته قبل الولوج إلى عالم النص، فهو كما يقول ليو هوك:"مجموعة من العلاقات اللغوية التي يمكن أن تتشكل في بداية نص لتحديده، وبيان مضمونه العام، وإغراء الجمهور المستهدف" .
إذا كانت وظيفة العنوان هي تشييد تمثّلات ذهنية أولية لدى المتلقي، وانطباعات مسبّقة حول مضمون القصة وعالمها السردي، فإن تَصَدُّرَ العنوان " الجدار" قصصَ المجموعة القصصية، وتسميةَ المجموعة به لأكبرُ دليل على قصديّة إطلاق هذا العنوان، لما يوحي إليه من دلالات قوية على قلق الذات في القصة وتشظيها وتأزمها، ودور هذا الجدار المادي أو المعنوي في تكريس ذلكم التشظي الذاتي، ولعل -في رأيي- حضورَ الجدار في القصة حضورٌ معنوي يبيّن حصار الذات ومأساتها أكثر مما هو حضور ماديّ يقف في وجه المواطنين الفلسطينيين،فالدلالة اللغوية لكلمة الجدار تعني السد الفاصل والحاجز بين شيئين، وتعني المنع والحصار، والجدار يأتي في مرتبة وسطى بين كلمة السّور و كلمة الحائط، فإذا كان السور يدل - بالإضافة إلى التحصن ومنع العدو من الدخول- على العلو واستحالة التجاوز والمرور فنقول مثلا (سور السجن) أو (سور القرية) أو (سور الصين العظيم)،ومنه قوله تعالى:"وضُرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قِبَله العذاب" سورة الحديد، الآية:13، فإن الجدار يرمز لبناءٍ ليس هو بالسور الذي لا يمكن تخطّيه ويتطلب بناؤه وتشييد لبناته جهدا جهيدا، ولا بالحائط الذي يمكن تجاوزه والنفاذ إلى ما وراءه ويتطلب بناؤه زمنا معينا، وإنما هو بناءٌبين الاثنين، والذي يمكن إعادة بنائه وتشييدهلحظة سقوطه دون جهد كبير (كالجدار المذكور في سورة الكهف، في قوله تعالى:" فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ فأقامه".الآية: 76.)كما يمكن تجاوزه رغم صلابته وتماسكه بعزيمة الذات وإصرارها (كجدار برلين في ألمانيا)، وهذا ما تحقق للذات البطلة في نهاية القصة لما توقفت عن البناء وهوت بالفأس على رأس الجندي الاسرائيلي، فأوقفت نسبيا /ومعنويا قسوة الجدار وتغلغله في أرضها بهذا الفعل، مما يفسر لديّ كون حضور الجدار في القصة معنويا وليس ماديا وواقعيا برغم وجود مؤشرات تدل على هذه الواقعيّة (مستوطنة إسرائيلية + ورشة +الجدار العازل..)،بدليل ورود كلمة الجدار في القصة ثلاث مرات فحسب (وبدأ بناء الجدار العازل ص:2)، (الجدار العازل سيُبنى شئت أم أبيت.ص:2)، (شجرة زيتون عنيدة وقفت باعتزاز أمام الجدار.ص:2)، وبمرادفات أخرى  قليلة كالبناء (فجأة توقف البناء.. ص:2)، والتنين الإسمنتي (لتترك ذلكالتنين الإسمنتي يكمل زحفه..ص:2)لأن الذي يؤلم الذات ليس هو الجدار كمعطى مادي واقعي يعزل الفلسطينيين عن أراضيهم، وإنما جدار الذات التي تعاني صراعا نفسيا داخليا، وتذبذبا قاهرا بين ما تفعله وما يجب أن تفعله، بحكم إسهامها بشعور أو بلا شعور في تكريس معاناة أهلفلسطينين.
لاستقراء النص نفترض إذن من العنوان وبداية القصة ونهايتها أن الرؤية التي يطرحها النص هي معاناة رجل فلسطيني اسمه "أبو ديس" في حرفته التي لا يتقن غيرها/ البناء،وحسرته على شجرة الزيتون وطلبه منها الصفح والغفران ربما لجريمة ارتكبها في حقها، ولّدتْ لديه جدارا نفسيا يشعره بالخزي والمهانة تجاه شيء ما أثناء مزاولة حرفته، وكذلك في علاقته مع هذه الشجرة.فالجدار إذن يتمظهر من خلال  تكوينه المجازي الخفيّ وليس اللغوي الظاهر، والسياق التداولي للعنوان هو الذي يكشف بجلاء التجربة النفسية القاسية للأنا البطلة في هذا النص القصصي.
الذات الشخصية كعنصر فاعل في القصة:
  يمكن أن ننطلق في حديثنا عن الذات الشخصيةأو الشخصية الذات من علاقة الشخصية بالمتلقي، كما يتصورها Vincent Jouve  الذي يعتبر الشخصية صورة نصية لا يمكن إدراكها إلا في تفاعلها مع القارئ، وليست معطى نصيا معزولا ومنتهيا ، وعلى هذا الأساس أرى أن الذات/ الشخصية في هذه القصة ليست مجرد كائن ورقيّ أو أداة للفعل السردي كما تذهب إلى ذلك بعض المقاربات التي تعلي من قيمة الحدث على حساب الذات، وإنما نقول إن الذات عنصر فاعل يربط بين المحكي والتمثلاتالخارج-نصية الماقبليةوالمابعديةللمتلقي- التي يثبتها النص أو يخلخلها بعد فعل القراءة -التي يستعين بها لفهم المقروء/المحكي، يدل على ذلك تركيز الساردة في بناء الحدث على الذات وانفعالاتها الجوّانية بحضورِضمير المتكلم بشكل كبير في القصة، إن على مستوى الضمائر المنفصلة البارزة(أنا رجل فلسطيني..ص:2) أو المستترة (أبني.. ص:2) أو الأفعال (سأحكي.. ص:2) ، وتقلباتِهذه الذات النفسية ضمن الحدث،ومحاولاتها الواعية واللاواعيةتبرير هذه التقلبات في علاقتها بباقي القوى الفاعلة وشخوص القصة الأخرى.
الذات وعنف المتخيّل في قصة الجدار :
يدور خيط خذروف الذات مع الوضعية البدئية لقصة"الجدار"، إذ تتشكل معاناة الذات البطل "أبو ديس"-البنّاء البسيط الذي كان يبني بيوت أهل القرية- بيد أن العدو المحتل يتوغل في هدم بيوت الفلسطينيين، فيجد "أبو ديس" نفسه عاطلا عن العمل، فيبدأ عنفُ المساءلة، وقهرُ المغامرة لدى هذه الذات حين تستسلم للعمل في مستوطنة إسرائيلية قرب القرية، وهي تتقلب بين ناريْالعمل في هذه المستوطنة والرجوع عن قرارها، وفي هذا السياق تقول مبررة للقارئ سلوكها:" فذهبتُ .. مهلا، لا تتهموني بالخيانة، فلم أحك لكم بعد عن الليالي الطويلة الباردة التي قضيتها متسكعا في الدروب لأنه لم يعد معي مال لدفع إيجار البيت" .
    هو إذن قلق الذات من خيانة الوطن والهوية والمبادئ ومن نظراتِ الآخر/(المواطن الفلسطيني البئيس) اللديغةِ، وفي ذات الوقت هو قلقٌ من الواقع الاجتماعي المدقع الذي يفرضه ضعف ذات اليد، وضيق العيش، والحاجة إلى دفع ضريبة الإيجار، هو قلق الذات المترددة الوَجِلَة التي تُقدِّم رِجْلاً إلى الخيانة/خيانة الوطن بلا وعي(أو هي خيانة الضرورة التي تفرض نفسها)، وتؤخر أخرى بسب حبها لهذا الوطن السليب من لدن العدو صاحب المستوطنة الذي ستعمل لديه.وهو كذلك توتّرٌ عنيفتعيشه الشخصية/الذات من الوجود والعالم، فتجعلها تعاني تناسل الأسئلة المحمومةعن كينونتهاوموقعها لدى الآخر الذي يمثلها، بحكم الهوية والانتماء والمشترك العِرقي واللّغوي والدينيوالثقافي.."هل أنا خائن حقا؟ربما أكون كذلك، لا أدري"  وبحكم أيضا ارتباطها بالوجود وتغيراته من حولها" فالإنسان والعالم لا يرتبطان في علاقتهما ارتباط الذات بالموضوع، وإنما هما في ارتباطهما شبيهان بارتباط الحلزون بقوقعته.إذ العالم يشكل جزءا لا يتجزأ من الوجود، وكلما تغير العالم تغير الوجود أيضا، ومن ثم يتعين فهم الشخصية ووجودها كإمكانيات" .
 إن عنف المتخيل السردي يتشكل لما تعلن الساردة استسلام الشخصية المركزية في القصة لقرارها الغلط/ الصائب، القاهر، بقبولها العمل في المستوطنة، بل ويتعاظم الاستسلام للعمل ليصبح خنوعا ورَفْساً لآخر ذرة خردل من شهامة ومروءة ووطنيّة تقدس صوت الوطن/الأرض"لكن مع انتقالي من ورشة إلى أخرى تعودت على الأمر، وما عادت إهانات الجنود الإسرائليين تؤثر في" .ويستمر هذا الموقف الحاد من الوجود ومن الآخر لما يعلن البطل أن قراره لم يكن عن ضَعف أو نكران للوطن، بل لواقع البؤس والحرمان وسخرية الفقر، فيقول معاتبا:"ها أنتم تتهمونني بالخيانة مرة أخرى، طبعا من السهل عليكم أن تطلقوا الأحكام الجائرة، فالطعام يملأبطونكم والدفء يسري في أوصالكم، وإلا لما جلستم لتتسلوا بقراءة قصتي" .لكن رغم كل هذا المعطى الواقعي الذي تقدمه الذات مُبرراً لفعلها الشاذ الخائن، إلا أن سياط الضمير ما تزال تلاحقها وتلهبها، وتعمّق إحساسها بالمرارة والحسرةوالندم، حينما تفاجئ الساردةُ القارئَ بفضاء عمراني وعنصر طبيعي له دلالة ورمزية هما: الجدار وشجرة الزيتون،تقوم بينهما علاقات نصية تترجم آلام الذات وحقارتها أمام فعلها القاهر/ المسؤول واللامسؤول، وتخلقُ لديها تشويشاً وقلقاً تجاه نفسها وكذا الآخر، هذا الآخر الذي قد يكون هو: الوطن، أو الانسان الفلسطيني المطرود من بيته، أو الانسان الذي عانى الاستعمار، أو هو القارئ الضمني للقصة، وهذا الاختيار الفضائي والطبيعي(الجدار+ شجرة الزيتون) لم يكن مجانيا أو مجرد ترفٍ تعبيريّ لتأثيث النص وملفوظه السردي، بل هو اختيار يُثري النص، ويشحن بنيات النص بشحنات رمزية ذات أبعاد ودلالات تتلاءم والرؤية الخاصة للمبدعة القاصة، فنفترض جدلا أن دلالة الجدار هي:العزل والحصار النفسي الذي تعيشه الذات البطلة "أبو ديس" والذي تريد - بوعي أو بلا وعي بقصد أو بدون قصد- أن تجرّعه أبناء الوطن، أما شجرة الزيتون فهي الشجرة المقدسة التي قسم الله تعالى بها في القرآن الكريم(والتين والزيتون وطور سينين.سورة التين.الآية:1 )، والمقسوم به من لدن الله يسمو إلى درجات العظمة والإجلال والإكبار والقداسة، بيد أن الذات/ البطلة في القصة لم تعبأ بهذه الاعتبارات، فعملتْ على تدنيس المقدّس بالخيانة، وإيثار واقع المعاناة الاجتماعية (الفقر والجوع وإيجار البيت) على صوت الوطن، فَتَرَدَّتْ إلى الحضيض بفعلها هذا.و يمكن رصد الدلالة المعجمية للجدار وشجرة الزيتون كالآتي:
-    الجدار=[+جمادٌ أصمّ]،و[+العناد والقهر]، و[+ حصار الأحلام والحرية]، و[+تكريس السجن المادي والنفسي للذات وللآخر/الذات(التي تقتسم وإياها الوطن والأرض والأحلام)].
-    شجرة الزيتون =[+ مقدّسة]، و [+عنيدة (الوقوف الصلب والحازم أمام الجدار)]، و[ + شامخة وشجاعة (عكس الذات الجبانة)]، و[+قالت: "لا" للجدار (خلاف الذات الخائفة الجبانة التي استسلمت لمشاكلها الذاتية: الفقر والجوع والإيجار.. ونسيت هموم الوطن ذات الأولوية الكبرى والعظمى)]، و[+تنوب عن أبي ديس في الإباء و الكبرياء وعزة النفس].
تتوقف الذات لحظة لتنظر إلى مرآة نفسها في نفسها، ولترى العار الذي اعتراها، تستغرق في خواطرها المعذِّبة وتذبذبها المهين الذي جعلها بلا قلب ولا موقف لعلها تؤوب إلى رشدها وترعوي، بيد أن متخيل الذات سرعان ما ينكسر ويتهاوى، وبدل أن تراجع فعلها تصرّ على خزيها ومهانتها بجريمة أفظع من الأولى، وهي حمل الفأس وقطع الشجرة/ رمز القداسة والوطن بكل وقاحة واستئساد، لاسيما بعد أن نهرها الجندي الاسرائيلي "حاييم" وأمرها بقلع الشجرة، فنفثت كل حقدها وحسرتها في جذور الشجرة وهي تضربها، وليس أدلّ على ذلك من قول الساردةوهي ترصد الإطار الوصفي لانفعالات هذه الذات النفسية وآلامها واضطراباتها وهوانها وحقارتها،وهي تقدم على عملية القلع:" مع كل ضربة أضربها بالفأس تتطاير منها شظايا صغيرة تصفع وجهي، إنها تسخر مني، تسخر من ضعفي، حتى وهي على مشارف الموت لا زالت تنفذ في سهامها القاتلة، تعريني وتريني نفسي على حقيقتها، تلك الحقيقة التي لم أنجح يوما في مواجهتها" ، لكن الذات تستفيق في النهاية ولا تستمر في فعلها الشنيع، بعد عجزها الكبير أمام الضربة الأخيرة، وتستسلم لحيرتها وإطراقها وتأملها، وتفاجأ بالجندي يركل الشجرة ويضحك ساخرا وينظر إلى ما فعله بكل حقد وتشفّ، بيد أن الذات البطلة تنتفض وتؤوب إلى رشدها بعدما توقّد في أعماقها نداء الوطن، فتثور وتنتفضاستجابة لصوت الوطن الذي يجري في عروقها، فتكسر الجدار النفسي الذي كان منعها من الانتفاضة والرفض، حتى ولو كان قد فات الأوان، لتصبح  أخيرا  كيانا قويا لا يدري من أين له هذه القوة، فتتساءل حائرة وغير مصدقة" أنا أيضا تساءلت من أين جاءتني كل هذه القوة لكنني كنت سعيدا وأنا أرى حاييم يتهاوى أمامي مضرجا بدمائه" ، لقد حققت الذات وجودها أخيرا بعدما أخذت الفأسُ طريقها الصحيح إلى رأس الجندي الاسرائيلي، فانتهت القصة برضى الذات البطلة عن نفسها، رغم الخيانة الأولى المتمثلة في بناء الجدار العازل، لكنها استطاعت أن تكسر الجدار الحقيقي/ النفسي الذي كان يجثم على صدرها ويجعل فيها غشاوة تحول بينها وبين الوطن، فلم يعد يهمها تجمهر الناس حولها، ولا  كذا مجيء جندي اسرائيلي مسرعا نحوها ، ولكن الذي يهمها هو صفح شجرة الزيتون عنها، التي لقنتها درسا في الوطنية والاستشهاد.
تركيب:
إن قصة "الجدار" أبانت عن دلالات القصة النفسية العميقة للذات المتألمة، متأرجحة في علاقتها بالآخر بين المهانة والحرمان والمعاناة والاستسلام والقوة،واختزلت التجربة الذاتية للأنا البطلة/ أبو ديس بما فيها من أحاسيس وعواطف مرتبطة بالوطن مُهلهلَة ومرتبكة تارة وقوية تارة أخرى.وقداستطاعت القاصة نوال الغنم تكوين منتجٍ سرديّ متكامل، له أبعاد دلالية متناسقة ومنسجمة، تنتظم في عِقْدٍ سردي، يربط اللاحق بالسابق والسابق باللاحق،فتحمل ملامح القصة الحديثة،وتعمل علىإنتاج دلالة جديدةللحدث في حركية دائمة، وتشكل نسيجا كليا لقصّ مترابط، يتأسس بجدل الذات البطلة التي تتجاوز حدود الكائن الورقي والفعل السردي الصامت - كما تعتقد بعض المقاربات في نظرتها العامة لشخوص الحكاية - إلى كونها قوة فاعلة ومحور التبئير في القصة.



  1- LeaHoek, marque du Titre, manton, 1982 , p : 17.
2- الأدب المغاربي اليوم: قراءات مغربية، مجموعة من الباحثين، منشورات اتحاد كتاب المغرب، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى 2006، مقال:" الأبعاد التواصلية للرواية المغاربية عن الأفق الجمالي للشخصية الروائية، ابراهيم عمري، ص:94.
3 - الجدار، نوال الغنم، منشورات نادي الهامش القصصي زاكورة، مطبعة Bj Pint ، ص:2.
4- الجدار، ص:2.
5- جدل الاستمرار والتجاوز: قراءات في القصة القصيرة المغربية الجديدة، محمد الدوهو، جذور للنشر، الطبعة الأولى، 2008، الرباط، ص: 13، نقلا عن:
Milan Kunderra : Entretien sur l’art du roman ,in L’art du roman,Ed.Gallimard 1986,p.61 ..
6- الجدار، ص:2.
7- الجدار، ص:2.
8- الجدار، ص: 2 و 3.
9- الجدار، ص: 3.
  سعيد موزون / المغرب (2011-07-30)
Partager

تعليقات:
عبد الكريم الفزني /المغرب 2011-08-05
لقد قدمت عملا رائعا الأستاذ المقتدر سعيد،نقدا وتحليلا مما ينم عن وعي كبير بقضايا السرد فضلا عن قدراتك الإبداعية التي نشتاق إليها دائما دمت مبدعا وناقدا ومزيدا من العطاء.
البريد الإلكتروني : farabi_5@hotmail.fr

علي رفيع /سلا 2011-08-05
مزيدا من التميز والعطاء مقال دقيق وعميق في غاية الأهمية
البريد الإلكتروني :

رشيد /ازيلال 2011-08-03
لقد قدمت لنا عملا مغريا ينم عن دراية واسعة ان لم نقل موسوعية بالجوانب السردية في التعمل مع المحكي. بل فتحت أعيننا على قضايا تسترعي كل الاهتمام فلك جزيل الشكر اخي سعيد نحن دائما في انتظارك,
البريد الإلكتروني : maoky1981@hotmail.com

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

جــدل الذات والآخر في قصة

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia